عرض المادة

حادثة الإفك

9777 | الثلاثاء PM 08:42
2009-09-22

حادثة الإفك

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد؛ أيها المسلمون :

فإن الله تعالى جعل هذه الدنيا دار بلاء وفتنة ، يُبتلى فيها الناس بأنواع الفتن والبلايا ، وتمسهم المحن والرزايا ، فيجازى المؤمن الصابر بعلو الدرجات ، وتحل بالفاجر أنواع العقوبات؛ وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين؛ وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ؛ قال تعالى:( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) .

وأشد الناس عرضةً للابتلاء في هذه الدنيا الأنبياء ثم الصالحون؛ وكلما كان المؤمن أكمل إيماناً وأمثل حالاً كلما كان بلاؤه أشد قال r : « أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقةٌ ابتلى على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة » .

وإن من أعظم الابتلاءات التي دوَّنها التاريخ بمرارة، وسطرتها الكتب بأقلام تنزف ألماً؛ ما حدث من الابتلاء العظيم لأم المؤمنين-الصديقة بنت الصديق- حبيبة رسول الله r ؛ المطهرة من فوق سبع سماوات؛ عائشة بنت أبي بكرب؛ من حادثة الإفك المبين التي نالت من عرضها ، وقد تولى كبرها  رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول وتوارثها عنه المنافقون جيلاً بعد جيل حتى أزماننا هذه.

فاستمعوا إليها بعقولٍ واعية ، وقلوبٍ حاضرة؛ حتى تعلموا عظم البلاء الذي وقع بها وبرسول الله r ؛ ثم ما كان بعد ذلك من حسن العاقبة لهال.

قالت عائشة ل: كان رسول اللهr إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيّتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع ، فخرج سهمي عليهن معه فخرج بي رسول الله r؛ فلما فرغ r من سفره ذلك وجّه قافلاً ؛ حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات فيه بعض الليل ، ثم أذن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي ؛ فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس بالرحيل؛ وجاء الناس الذين يرحلون لي البعير وقد حملوا الهودج وهم يظنون أني فيه- لأنها كانت جارية صغيرة السن خفيفة الوزن فلم يفطنوا لها- فاحتملوه فشدوه على البعير وانطلقوا به ، فرجعْت إلى المكان وما فيه من داعٍ ولا مجيب ، وقد انطلق الناس ، فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي ، وكان قد تخلف عن الجيش لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فلما رآني أقبل علي؛ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله r ، وأنا متلففة في ثيابي ؛ قال: ما خلّفك يرحمك الله؟. فما كلمته .

ثم قرب البعير؛ فقال: اركبي واستأخر عني - t-  فركبْتُ ؛ وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، وما افتُقدت حتى أصبحْتُ ونزل الناس ، فلما نزلوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا :" أي: نسجوا حولها قصة الإفك؛ واتهموها بصفوان t ".

ثم قدمنا المدينة ، فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة "أي: مرضت ل ، ولا يبلغني من ذلك شيء ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله r وإلى أبويّ فلا يذكرون لي منه قليلاً ولا كثيراً ، إلا أني أنكرت من رسول الله r بعضَ لطفِه بي ؛فقد كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي ، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك ، فأنكرت ذلك منه .

كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال : كيف تيكم ؟ ؛ لا يزيد على ذلك؛ حتى حزنت في نفسي ، فقلت - حين رأيت ما رأيت من جفائه-: يا رسول الله : لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فتمرضني ؛ قال : لا عليك .

قالت : فانتقلت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان ، حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة .

فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مِسْطَح بنت أبي رهم ، فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في كسائها ، فقالت : تعس مسطح ، قلت : بئس ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدراً ، قالت : أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ؟ قلت : وما الخبر ، فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك .

قالت فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت ، فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ، وقلت لأمي: يغفر الله لك! تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئا! .

قالت : أي بنية! هوني عليك الأمر فوالله لقلما كانت امرأةٌ حسناء عند رجلٍ يحبها ، لها ضرائر ، إلا كثرن عليها وكثّر الناس عليها .

وتجلى ذلك الموقف الرائع للمؤمنين الذين وثقوا ببيت النبوة؛ وفراش النبي r وعفته ، فقد جاءت أم أيوب إلى زوجها أبي أيوب الأنصاري t ؛ فأخبرته بالخبر وقالت : يا أبا أيوب ألم تسمع بما تحدث الناس؟

قال : وما يتحدثون ؟ ؛ فأخبرته بقول أهل الإفك ، فقال : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ، يا أم أيوب لو كنت أنتِ أكنت فاعلة ؟ قالت : والله ما كنت لأفعله . قال : فعائشة والله خيرٌ منك .

فقال الله ـمادحاً لهم: وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ).

قالت عائشة: وقد قام رسول الله r في الناس يخطبهم -ولا أعلم بذلك- فقال: أيها الناس: ما بال رجالٍ يؤذوني في أهلي ، يقولون عليهم غير الحق ، والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلٍ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي .

قالت : وكان تولى كبر ذلك عبد الله بن أبي بن سلول .

وجاء النبي r يسأل زينب بنت جحش ؛ وقد كانت عند رسول الله r ، ولم تكن امرأة من نسائه تساويني في المنزلة عنده غيرها ، فعصمها الله بدينها وورعها فلم تقل إلا خيراً .

" رضي الله عنها ؛ ما دفعتها الغيرة من جارتها للظلم والافتراء وتلفيق التهم الكاذبة " .

قالت: فلما قال رسول الله r تلك المقالة ، قال أسيد بن حضير: يا رسول الله: إن يكونوا من الأوس نكفيكهم؛ وإن يكونوا من إخواننا الخزرج فمرنا بأمرك؛ فوالله إنهم لأهلٌ أن تضرب أعناقهم ، فقام سعد بن عبادة -وكان قبل ذلك يُرى رجلاً صالحاً ولكن أخذته الحمية- فقال: كذبت لعمر الله لا تضرب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج؛ ولو كان من قومك ما قلت هذا !

فقال أسيد: كذبت لعمر الله ولكنك منافق تجادل عن المنافقين. "وفي هذا دليل على أن الرجل الصالح لا يؤاخذ بما قاله إذا كان غضباً لله ورسوله" .

قالت: وتواثب الناس؛ حتى كاد يكون بين الحيّين من الأوس والخزرج شر ، ونزل رسول الله r ودخل عليّ ؛ فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى عليَّ خيراً وقال: يا رسول الله: أهلك ولا نعلم إلا خيراً؛ وهذا الكذب والباطل .

وأما عليّ فإنه قال: يا رسول الله: إن النساء لكثير ؛ وإنك لقادر على أن تستخلف؛ وسل الجارية فإنها تصدقْك .

فدعا رسول الله r الجارية ليسألها ، فقالت: والله ما أعلم إلا خيراً ؛ وما كنت أعيب على عائشة إلا أنني كنت أعجن فآمرها أن تحفظه ، فتنام فتأتي الشاة فتأكله .

قالت: فدخل عليّ رسول الله r وعندي أبواي؛ وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي؛ فلم تجد ما تفعله لي إلا أنها كانت تبكي لبكائي ؛ فجلس        رسول اللهr فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد يا عائشة؛ فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئةً فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب ؛ تاب الله عليه.

قالت : فلما قضى رسول الله r مقالته قَلُص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي: أجب عني رسول اللهr ، فقال : والله ما أدري ما أقول       لرسول اللهr ، فقلت لأمي أجيبي رسول اللهr ، فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول اللهr .

قالت : فقلت وأنا جاريةٌ حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن: والله لقد علمتُ أنكم قد سمعتم الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدّقتم ، فلئن قلت لكم إني بريئة-واللهُ يعلم أني بريئة- لا تصدقوني ، ولئن اعترفت بأمرٍ- واللهُ يعلم أني منه بريئة- لتصدّقنّي ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف - وقد التمست اسم يعقوب فلم أذكره- : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) .

قالت : ثم تحوّلْتُ فاضْطجَعْتُ على فراشي؛ وأنا واللهِ أعلم حينئذ أني بريئة وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي؛ ولكن ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحيٌ يُتْلى؛ ولَشَأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيّ بأمرٍ يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله r  في النوم رؤيا يبرئني اللهُ بها .

قالت: فوالله ما فارق رسول الله r مجلسه؛ ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله تعالى على نبيّه؛ فأخذه ما كان يأخذه من الشدة عند الوحي؛حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يومٍ شاتٍ من ثقل القول الذي أنزل عليه .

قالت : فسري عن رسول الله r وهو يضحك؛ فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة؛ أمّا الله ﻷ فقد برأك " .

فقالت أمي: قومي إليه ؛ فقلت: واللهِ لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله؛ هو الذي أنزل براءتي؛ فأنزل الله ـ : (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)؛ وقد أنزل الله تعالى عشر آيات في سورة النور فيها براءة عائشة من الإفك المبين؛ وبيان طهارة فراش النبي r مما رماه به المنافقون وورثتهم .

بارك الله لي ولكـم في القرآن العظيم .. 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فإن هذه الحادثة المؤلمة لتمثل عظم الابتلاء الذي وقع بالنبي r وزوجه الطاهرة المطهرة ، وذلك أن الطعن في العرض من أشد الأمور ؛ لأنه أمر خفي؛ ويكثر له ناقلو الكلام الذين يفرحون بفضائح المسلمين ، وينشرون الرذيلة في المجتمع ، كما يتابعهم عليه من عظمت غفلته جاهلاً الحكم الشرعي المتعلق بذلك .

وقد كان لهذه الحادثة كثيرٌ من الفوائد التي استنبطها أهل العلم؛ ولها أبلغ الأثر في سلوك من عمل بها.

فمن ذلك : معرفة أن الابتلاء للمؤمنين سنة من سنن الله الكونية ؛ وقد يُبتلى المؤمن بالأمر يظنه شراً وهو خيرٌ له ؛ ولذلك فبالرغم من شدة الابتلاء التي تعرض لها النبي r والمؤمنون باختبارهم في دينهم إلا أن الله تعالى قال : (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).

ومن ذلك وجوب إحسان الظن بالمسلمين؛ لاسيما العدول منهم؛ فقد قال صفوان t - الذي اتهم في هذه القصة- : " والله ما كشفت كنف أنثى قط ".

وكذا الواجب على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين؛ لاسيما إذا ظهرت حولهم الإشاعات؛ وكانوا ذا عدالة في المجتمع ولم يُظهروا المنكر أو يجاهروا به؛ وقد عاتب الله تعالى المؤمنين حيث أفاض بعضهم في ذلك السوء وما ذُكِر من شأن الإفك؛ فقال : لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ وبأنفسهم في هذه الآية أي: بإخوانهم ، فجعل الأخ مقام النفس .

 كما يجب على المسلم ألا يشيع أخبار الفساد والرذائل التي تحصل في المجتمعات؛ لأن ذلك يقلل الحياء؛ وينشر اليأس بين صفوف الأفراد والمجتمعات؛ ويصبح تلقي أخبار المنكرات أمراً مستساغاً .

ومما يستفاد من ذكر هذه الواقعة: ذم الحمية لغير الله ورسوله؛ والتي تحمل المرء على أن ينحاز إلى الخطأ بدافع الحمية إلى القبيلة ؛ أو التعصب إلى الجماعة حتى لو كان ذلك مضاداً للدليل الشرعي .

ومن الفوائد الجميلة في هذا الباب؛ مواساة الأخ بالمستطاع إذا حلت به مصيبة أو ضائقة ؛ وأن وقت الضيق هو الذي يتميز به نبلاء الأخلاق ، وهذا واضح في جلوس المرأة تبكي مع عائشة ؛ حيث إنها لمّا لم تجد ما تواسيها به إلا ذلك جلست تبكي معها .

ومن ذلك أن الرجل الصالح قد يخرج منه اللفظ الخطأ لا يقصده فلا يؤاخذ به ، كما قال أسيد بن حضير لسعدٍ : " إنك منافق تجادل عن المنافقين "؛ وسعدٌ صحابي جليل ولكن قد ظهرت الكلمة من أسيد t  بدافع الغيرة والحمية لرسول الله r ، فلم يؤاخذه النبي r بها .

كما أن هذه القصة تبين فضيلة الورع مع وجود الدافع للميل عن الحق؛ وحصول الظلم بسبب الغيرة ، إلا أن الورع ومخافة الله يمنعان صاحبهما من الوقوع في شيءٍ من ذلك ، كما حصل في قول أمّنا زينب بنت جحشللما سألها النبي r عن عائشة؛ فقالت: " يا رسول الله: أحمي سمعي وبصري؛ واللهِ ما علمت إلا خيرا" ؛ قالت عائشة : " وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي r فعصمها الله تعالى بالورع " .

ومن الفوائد الجميلة: تفويض الأمر للكبار؛ لاسيما في الأمور المهمة الشائكة؛ ولا يَحسُن أن يتصدر الشباب وصغار السن للقضايا الحساسة دون رد الأمر إلى

 

كبارهم؛ ولذلك لما وقع ما وقع لعائشة؛ طلبت من والدها أبي بكر الصديق t  ومن أمها؛ أن يجيبا رسول الله r عنها  .

والفائدة العظيمة التي لابد من معرفتها ؛ وهي الأصل الذي لا بدّ من اعتقاده والتيقن به ؛ هو اعتقاد طهارة عائشة رضي الله عنها؛ وبراءتها مما قاله أهل الإفك والزور؛ وأنها عفيفة نقية تقية ؛ ومن طعن بها في ذلك أو رضي به فهو كافر بإجماع المسلمين، لأنه مكذب للقرآن؛ طاعنٌ في فراش النبي r.

فإن ابتلاك الله بمخالطة المنافقين؛ الذين ورثوا رأسهم عبد الله بن أبيّ بن سلول فيما قال ؛ فابغضهم بقلبك؛ وأعلن البراءة منهم بقولك وفعلك؛ واهجرهم ببدنك؛ وقدم رضا الله تعالى على القرابات والصلات التي لا تسرّ مؤمناً ؛ ولا تدحر عدواً؛ قال تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)؛ وقال بعض السلف:" لا تجلس إلى مبتدع فتحل عليك اللعنة ".

فلا تجعل مسألة القرابة أو القبلية وسيلة تتنزل فيها عن دينك ؛ مجاملة لبعض أهل الضلال الذين يطعنون في فراش النبيr .

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا ووفقنا لصالح القول والعمل..

Powered by: GateGold

جميع الحقوق محفوظة لموقع الموقع الرسمي للدكتور سالم العجمي